عصرنا العربي..والتغيير المخاتل

عصرنا العربي..والتغيير المخاتل
عصرنا العربي..والتغيير المخاتل
عصرنا العربي والتغيير المخاتل:


 
بسم الله الرحمن الرحيم
عصرنا العربي والتغيير المخاتل في ندوة (الوفاء) الثقافية
الرياض : محمد شلال الحناحنة

أقامت ندوة (الوفاء) بالرياض لعميدها الشيخ أحمد باجنيد محاضرة بعنوان : (عصرنا العربي..والتغيير المخاتل) ألقاها الأستاذ الإعلامي الدكتور فهد العرابي ألحارثي رئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام ، وأدارها الدكتور يحيى أبو الخير ، وقد حضرها جمهورمن المهتمين والإعلاميين والمثقفين ، وعدد من وسائل الإعلام المتنوعة .

تقنية القرن.. بامتياز
شكر الدكتور فهد العرابي الحارثى عميد ندوة (الوفاء) الشيخ أحمد باجنيد على دعوته لإلقاء هذه المحاضرة سائلا الله أن يبارك في جهوده لدعم الفكر الأصيل ، ثم تحدث عن تقنية (النانو) فقال : يؤكد المختصون أن من سيحقق تقدما في تقنيات (النانو) المتناهية في الصغر ، سيتحكم في الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين ، وذلك بما تقدمة هذه التقنية من فرص هائلة للإبداع والثراء والتنوع والفعالية والجودة في مجالات الصناعة والزراعة والطب وحتى على مستوى الاستخدامات الأمنية العسكرية المختلفة ، فهي تقنية القرن الجديد بامتياز ، وهناك سباق محموم بين الدول المتقدمة في مجالات التمويلات الهائلة من اجل تطويرها ، والاستحواذ على مفاتيح أسرارها .وتكنولوجيا (النانو) تعني بتطوير وإنتاج أدوات وأجهزة متناهية في الصغرعن طريق التحكم في ترتيب الذرات والجزيئات داخل المادة ، ولتبسيط الفكرة حول (النانو) فهو يشير إلي واحد من مليار من المتر مثلا ويصف  توماس كيني Thomas Kenny  من جامعة ستانفورد حجم (النانو) بأمثلة كثيرة منها أنه لا يتجاوز نمو ظفر الإنسان في ثانية واحدة . والمؤسس الفعلي لعلم (النانو) تكنولوجي هو عالم الفيزياء الأمريكي أريك ريكسلرEric Drexler مؤسس معهد استشراف النانو تكنولوجي في كاليفورنيا إذ نشر عام 1986 م كتابه الشهير(محركات التكوين أو الخلق) الذي يعد من الكتب الرائدة في (مجال النانو) تكنولوجي .ففي مجال المباني ستخرج إلي الوجود البنايات الضخمة التي تستطيع إرسال إشارات لاسلكية عندما تحتاج إلى صيانة ، أو أنها قد تستطيع صيانة وإصلاح نفسها ومن خلال تقنيات (النانو) يمكن لثيابنا أن تأخذ بيانات عن صحتنا ، وستنظف نفسها من الأوساخ والروائح دون أي مساعدة ،وتدفئة أو تبريد الجسم حسب درجة الحرارة الخارجية ، وقد توصل العلماء في جامعة هونج كونج إلى ابتكار ملابس ذكية تغسل نفسها بنفسها ، من خلال تغليف الأقمشة القطنية بجسيمات صغيرة نانونية، ويمكن كذلك تحويل تلك الأقمشة إلى ثياب عسكرية تحمى الجندي من القنابل كما توظف تقنية النانو لتطوير أنظمة آلية من شانها الحد بشكل كبير من الحوادث ، وتطوير وسائل نقل فعالة باستخدام مواد ذات أداء أفضل .


ويمكن للنانو أن يحضر جيشا من الجراثيم يوجهها مثلا إلى وزارة الدفاع الأمريكية لتصل من ممرات الهواء التي لا يمكن حراستها إلى جهاز الكمبيوتر الذي يسيطر على كل إدارة العمليات العسكرية لتدميره أو السيطرة علية وستتمكن تقنية النانو في مجال الطب في صناعة مركبات صغيرة جدا تدخل عروقنا لتسافر فيها وتجري تشخيصا لكل ما تراه ثم ترسل تقاريرها إلى أجهزة كمبيوتر في مكان ما ، ويمكن تشخيص الأمراض بدقة وعلاجها بدقة بأسرع وقت مثل مرض السرطان إذ سيساهم النانو في اكتشافه مبكرا وإمكانية استئصاله وعلاجه قبل انتشاره ، وسيمكن صناعة غرفة عمليات كاملة في كبسولة صغيرة يتم وضعها داخل جسم المريض لتقوم بتنفيذ برنامج العملية حسب حالة المريض . ويمكن كذلك وضع جسيمات النانو لتتجول في شرايين الجسم لتنظيفه من بقايا الدهنيات التي تودي إلي النوبات القلبية .
أسلحة ما فوق الواقع
وذكر المحاضر الدكتور فهد العرابي ألحارثي أنه في مجال الاستخدامات العسكرية يمكن من خلال تقنية النانو صناعة أسلحة لا يمكن مشاهدتها ، وهى قادرة على مهاجمة أهدافها بدقة متناهية دون أن تستطيع الأجهزة الدفاعية إعاقتها ، بل يمكن صناعة بلايين الأسلحة الفتاكة التي تتحرك وتعمل ذاتيا ،ولا تتطلب وجود جنود لتوجيهها بل يمكن برمجتها لتكون انتقائية في حروبها ، وتستخدم في الاغتيالات ومن الصعب اكتشافها قبل التنفيذ ، كما أنه يصعب تتبعها ومعرفة مصدرها وسيكون الحاسب الألى في الجامعات الكبيرة مجرد (ساعة يد) في المستقبل القريب ، ويمكن استيعاب مليوني كتاب في مساحة لا تتعدى السنتيمترين المكعبين وذلك من خلال تطوير أجهزة الذاكرة الرقمية النانونية .
الوجه الآخر
أما الوجه الأخر  لتقنية النانو في هذه الحقائق التي تداهم مستقبلنا هو أنها تقوم على ثلاثة مقومات رئيسية :
الخبرة ، والمال ، والوعي بأهمية السيطرة على المستقبل والذين يتحكمون بهذه المقومات الثلاثة هم الدول الغنية التي لا يسلم مشروعها الكبير من بعض الانحرافات الأخلاقية ، والطمع المادي ولذا فان هذه الدول تنفق المليارات من اجل تطوير هذه التقنية ، وتنبأت مؤسسة العلوم القومية الأمريكية بان سوق خدمات النانو ومنتجاتها ستصل إلى تريليون دولار في عام 2015 م ويتصور أحد الباحثين المستقبل القريب لعلاقة الغرب (صاحب الخبرة) بالشرق الذي هو مستهلكها على هذا النحو : فهم سيعزفون قريبا عن زياراتهم القصيرة لديارنا (الشرق) فسيصبح بمقدور هذه التقنية النانونيه تشخيص الأمراض والتنقيب عن الموارد الجيولوجية ومراقبة الإنتاج وهم بالقياس ما عادوا بحاجة لإقامتنا بينهم في مدنهم الآلية وقراهم الذكية فهذه التقنية أضحت تقوم بالأعمال الدنيا التي كانوا يوكلونها لعمالتنا الرخيصة ، ولقد استطاعت الصين أن تكون الحاضن الأساسي لتقنيات النانو من خلال شركاتها العملاقة عالميا !
تغذية الوهم
ومما ذكره المحاضر عن العرب وعلاقاتهم بهذه التقنية أنهم ما زالوا يعيشون في مسافات هائلةتفصلهم عن هذا العصر بتقنياته الهائلة الجديدة ، فهم غرباء عن زمانهم وعن هذا التقدم العلمي المتطور بسرعة .وهل سيزداد الأقوياء قوة ويزدادا الضعفاء وهم العرب ضعفا ؟! ولكن المحاضريرجع هذا الضعف والتخلف عن ركب العلم والتقدم إلى فقدان الحرية والبحث العلمي واحترام العقل متجاهلا أن سبب ضعفنا العلمي ، وتأخرنا هو بعدنا عن تحكيم شريعتنا السمحة بصورة صادقة وصحيحة ، وهى التي تقود للعدل والحرية وإتقان العمل والتفكر والتعقل وإمعان النظر في 
الكون للاستفادة من جميع ما سخره الله لنا في هذه الحياة الدنيا فهل نعود لهذا الدين القويم لنصبح أسياد العالم كما كنا في ماضينا ؟!
 

الحوارات

أثارت المحاضرة كثيرا من التساؤلات التي أجاب عن بعضها الدكتور فهد الحارثى منها :ما سأله الأستاذ محسن القصبي : هل يمكن أن تكون الكبسولة غرفة عمليات ؟ أما الأستاذ أحمد مشهورفسال : هل تنشيط الخلايا الدماغية بتقنية النانو سيوجهها لعبادة الله ؟ وسال الدكتور احمد الحازمي : هل تتوفر البيئة الاجتماعية للتقدم في تقنية النانو في عاملنا العربي والإسلامي ؟ وتحدث المحامى محمد التريكي قائلا : ماذا يقصد المحاضر بالعقل الحر فهناك أوامر ونواه يتقيد بها المسلم ! ونحن أمه قوية بديننا وثوابتنا ! وقد قال الله تعالى : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة...) وتساءل الدكتورعبد الجبار دية : ما سبب تخلف أمتنا الإسلامية ؟ أليس هو البعد عن الإسلام والأخلاق الفاضلة ؟! إن التغير بالمفهوم القرآني يبدأ من الأنفس (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ! وقال الأستاذ على المحمدي لقد استطاع شباب الإسلام الاستفادة من تقنية الانترنت في الدعوة والنهوض بالأمة ؟
أما الدكتور يحيى أبو الخير فتحدث عن أهمية تقنية النانو التي ستصبح واقعا لا محالة ، وعلينا الاستفادة من هذه التقنيات ، فهناك الكثيرون أسلموا حين وصلتهم الدعوة الإسلامية من خلال التقنيات الحديثة .
وقال الأستاذ مشعل الرشيد إن التخلف هو في سياستنا وليس في أخلاق الأمة هناك حوافزوتشجيع لدى الدول غير العربية والإسلامية لهذه التقنيات وللإبداع والعلم والاختراع ! وقال الأستاذ يحيى باجنيد لقد خوفتنا من المستقبل ، وحذرتنا ، ولكن سنأخذ بإذن الله بالأسباب لتحصيل العلم رغم أننا امة مستهلكة ، مستهلكة !!
وتحدث الأستاذ الدكتورعز الدين موسى قائلا :إن التشاؤم لا يفيد فنحن خير أمة أخرجت للناس بشرط التمسك بالقران الكريم وعلينا إن ننظر نظرة جديدة للقران الكريم والسنة المطهرة ! وقال الدكتور محمود شاكر إذا كان علماؤنا يشاركون في تقدم أمريكا وأوروبا فيعنى ذلك أن الأمة الإسلامية قادرة على اللحاق بالتقدم والنهضة إن عادت لدينها وإسلامها .
وقال الأستاذ حسيب كابو وان تأخرنا وأزمتنا أزمة سلطة ، فلماذا لا نكون أقوياء:( وأمرهم شورى بينهم) .أما الأستاذ إبراهيم التكينة فقال : إن الحياة دورات فقد كنا أقوياء والغرب ضعفاء ، وعلينا أن نهب هبة واحدة لنصل إلى التقدم ، أن النهوض يكون في العودة للإسلام الصحيح .
وختم المداخلات الشيخ احمد باجنيد عميد الندوة الذي شكر المحاضر ، وأهاب بالجميع أن يحرصوا على الحضور والمشاركة .
 


دوحة الشعر
وفى الختام ، أصغى الجميع لقصيدة (باريس) التي ألحت على المفارقة الموجعة بين أخلاق المسلمين ، وأخلاق الغرب المتشدق بالعدل والحرية والتقدم مع انه يعيش انتكاسة حقيقية في انحطاط أخلاقه ومع ذلك تجد منا الكثيرين يعجبون ويغترون بحضارته الزائفة ، وقد كان للقصيدة التي ألقاها الشاعر المبدع اللواء محمد حسن العمري (باريس) الصدى الواسع لدى جمهورالحاضرين .

التصنيفات

أضف تعليق